الالتصاقات بعد العملية الجراحية: الأسباب، الأعراض، الوقاية والعلاج

تُعتبر الالتصاقات بعد العملية الجراحية من المضاعفات الشائعة التي قد لا تظهر مباشرة بعد الجراحة، لكنها قد تسبب مشكلات صحية مزمنة على المدى الطويل. وهي من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى دخول المريض مرة أخرى إلى غرفة العمليات، خاصة عند حدوث انسداد في الأمعاء أو تأخر الحمل لدى النساء.

فما أسباب هذه الالتصاقات؟ وما أعراضها؟ وكيف يمكن الوقاية منها أو علاجها قبل أن تتفاقم؟

 

ماهي الالتصاقات بعد العملية الجراحية

الالتصاقات هي شرائط من نسيج ندبي (ليفـي) غير طبيعي، تتشكل كردة فعل لعملية الجراحة أو الالتهاب، وتعمل على ربط أعضاء أو أنسجة كانت منفصلة في الأصل. هذا النسيج قد يقيّد حركة الأعضاء، مما يسبب الألم أو مشاكل في أداء الوظائف الحيوية، خاصة عندما تؤثر على الأمعاء أو الأعضاء التناسلية أو المثانة.

وتتشكل الالتصاقات بعد العملية الجراحية بشكل شائع في تجويف البطن أو الحوض، لكنها قد تحدث أيضاً في الصدر بعد جراحات القلب أو الرئتين، أو حول المفاصل بعد عمليات العظام.

 

ما الذي يسبب الالتصاقات بعد الجراحة؟

يرى الجسم العملية الجراحية كنوع من الضرر، فيبدأ بإفراز مواد تساعد على التئام الجروح. لكن هذا التئام لا يكون دائماً مثالياً، فقد تنتج أنسجة ليفية غير منتظمة تؤدي إلى الالتصاقات. من أهم الأسباب والعوامل:

  • العمليات المفتوحة (عن طريق فتح البطن) أكثر عرضة لحدوث الالتصاقات مقارنة بالعمليات التنظيرية (التي تُجرى عبر ثقوب صغيرة).

     

  • النزيف أو العدوى أثناء الجراحة يزيد من الالتهاب وبالتالي فرصة حدوث التصاقات.

     

  • الاحتكاك المتكرر أو العنيف أثناء الجراحة بالأعضاء الداخلية.

     

  • وجود أجسام غريبة مثل الشاش أو الخيوط غير القابلة للامتصاص داخل البطن.

     

كلما زادت مدّة العملية أو كانت معقدة، ارتفعت احتمالية حدوث الالتصاقات بعد العملية الجراحية.

 

ما هي العمليات التي قد تسبب التصاقات في البطن ؟

كما ذكرنا سابقاً، السبب الأول عالمياً للالتصاقات البطنية هو الجراحة. وتشمل أبرز العمليات التي قد تترك التصاقات:

  • جراحات الزائدة الدودية، خاصة في حال انفجارها.

     

  • العمليات النسائية مثل القيصرية أو إزالة الأكياس والمبايض.

     

  • جراحات الأمعاء، مثل استئصال جزء من القولون أو الأمعاء الدقيقة.

     

  • جراحات الكبد، الطحال، أو المثانة.

     

  • عمليات الفتق، خصوصاً إذا كانت متكررة أو حصل فيها التهاب.

     

كيف أعرف أن لدي التصاقات في البطن؟

غالباً لا يشعر الشخص بوجود التصاقات بعد العملية مباشرة، وقد تمر شهور أو حتى سنوات قبل ظهور الأعراض. لكن المؤشرات التالية يجب أن تثير الشك:

  • آلام مزمنة أو متكررة في البطن، لا يمكن تفسيرها.

     

  • شعور بالامتلاء أو الانتفاخ المستمر، خاصة بعد الأكل.

     

  • اضطرابات في التبرز، إمساك مزمن أو تكرار نوبات انسداد.

     

  • عند النساء: صعوبة في حدوث الحمل أو ألم أثناء العلاقة الزوجية.

     

 

في حال ظهور أي من هذه الأعراض بعد عملية جراحية في البطن أو الحوض، يجب التفكير في احتمال وجود الالتصاقات بعد العملية الجراحية ومراجعة الطبيب لتأكيد التشخيص.

 

متى تكون الالتصاقات خطيرة؟

ليست كل الالتصاقات خطيرة، لكن في بعض الحالات يمكن أن تسبب مضاعفات مهددة للحياة، مثل:

  • انسداد الأمعاء الكامل، الذي يتطلب تدخلاً جراحياً فورياً.

     

  • العقم، نتيجة التصاقات في قنوات فالوب أو الرحم عند النساء.

     

  • الآلام المزمنة التي تؤثر على جودة الحياة.

     

  • صعوبة إجراء عمليات لاحقة بسبب تداخل الأنسجة والتصاقها ببعضها، مما يزيد خطر النزيف أو ثقب الأمعاء أثناء الجراحة التالية.

     

هل تظهر الالتصاقات بالسونار؟

غالباً لا يمكن رؤية الالتصاقات بشكل مباشر عبر السونار، لأنه لا يكشف الأنسجة الليفية الرقيقة بوضوح. ولكن يمكن من خلاله ملاحظة مؤشرات غير مباشرة، مثل:

  • وجود سائل حر بالبطن.

     

  • بطء في حركة الأمعاء.

     

  • توسع واضح في الأمعاء يوحي بوجود انسداد.

     

الفحوصات الأدق للكشف عن الالتصاقات بعد العملية الجراحية هي:

  • الأشعة المقطعية (CT Scan): تظهر مكان الانسداد أو الالتفافات.

     

  • التنظير البطني: يمكن استخدامه كتشخيص وعلاج في الوقت نفسه.

     

هل يمكن علاج الالتصاقات بعد العملية الجراحية؟

لا يوجد دواء يذيب الالتصاقات حالياً، لكن هناك طرق للتعامل معها حسب الحالة:

  • المراقبة والمتابعة: إذا لم تكن هناك أعراض شديدة، يُفضل عدم التدخل الجراحي، خاصة أن الجراحة قد تسبب التصاقات إضافية.

     

  • الجراحة لتحرير الالتصاقات: تُستخدم في حال وجود انسداد متكرر أو ألم مزمن. يتم فيها قطع أو فصل النسيج الملتصق بين الأعضاء.

     

  • الجراحة التنظيرية تعتبر أقل تسبباً بالتصاقات جديدة، لكنها ليست ممكنة في كل الحالات.

     

كيف أمنع الالتصاقات بعد العملية؟

الوقاية ليست ممكنة دائماً، لكنها تزداد عند اتخاذ الإجراءات الصحيحة خلال الجراحة وبعدها:

  1. اختيار الجراحة التنظيرية إن أمكن، لأنها أقل ضرراً للأنسجة.

     

  2. استخدام حواجز مضادة للالتصاق (مثل الجِل أو الحاجز الفاصل) داخل البطن.

     

  3. تفادي التهابات ما بعد الجراحة من خلال العناية الجيدة بالجرح وتناول المضادات الحيوية عند الحاجة.

     

  4. الحركة المبكرة بعد العملية لتحفيز الأمعاء ومنع الركود الهضمي.

     

  5. حاول تجنّب الإمساك من خلال نظام غذائي غني بالألياف، شرب الماء بكثرة، والابتعاد عن الأطعمة التي تسبب الغازات.

     

الخلاصة

الالتصاقات بعد العملية الجراحية مشكلة صحية قد تظهر بعد أشهر أو حتى سنوات من إجراء الجراحة. ورغم أن الكثير منها لا يسبب أعراضاً، إلا أن بعضها قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل انسداد الأمعاء أو العقم.

التشخيص المبكر والتعامل الحكيم مع الأعراض يمكن أن يمنع تفاقم الحالة ويقلل الحاجة لإعادة الجراحة. إذا كنت قد أجريت عملية سابقاً وتشعر بألم غير مبرر أو مشاكل في الجهاز الهضمي، فلا تتردد في استشارة طبيب مختص.

 

مقالات ذات صلة