تعد السمنة المفرطة عند الأطفال واحدة من أكبر التحديات الصحية في القرن الواحد والعشرين، حيث تتزايد نسبتها بشكل مستمر في العديد من البلدان حول العالم. السمنة عند الاطفال ليست مجرد مشكلة تجميلية أو ظاهرية، بل تعتبر حالة طبية خطيرة يمكن أن تؤدي إلى مجموعة من المشكلات الصحية قصيرة وطويلة الأمد. سنتناول في هذا المقال فهم اسباب السمنة عند الاطفال وعلاجها وكذلك طرق الوقاية منها.
مفهوم السمنة عند الاطفال :
البدانة عند الاطفال هي حالة طبية تتراكم فيها الدهون في الجسم بشكل زائد عن الحد الطبيعي، مما يؤدي إلى زيادة الوزن عن المعدل الطبيعي للأطفال بالنسبة لأعمارهم وطولهم . يمكن قياس السمنة باستخدام مؤشر كتلة الجسم (BMI) ، وهو مقياس يُستخدم لتحديد ما إذا كان الوزن بالنسبة للطول في مستوى صحي أم لا .
كيف يتم تحديد السمنة عند الاطفال؟
يختلف تصنيف السمنة عند الاطفال قليلاً عن تصنيفها عند البالغين، حيث يؤخذ بعين الاعتبار عمر الطفل وجنسه عند حساب مؤشر كتلة الجسم. بشكل عام، يعتبر الطفل مصابًا بالسمنة إذا كان مؤشر كتلة الجسم لديه يزيد عن 95% من الأطفال في نفس العمر والجنس.
وفيما يلي نوضح الوزن المثالي للاطفال حسب العمر والطول لكلا الجنسين حسب مخططات النمو:
|
العمر |
الوزن للذكور (كيلو غرام) |
الوزن للإناث (كيلو غرام) |
|
عند الولادة |
3.3 |
3.2 |
|
6 شهور |
7.9 |
7.3 |
|
سنة |
9.6 |
8.9 |
|
سنتين |
12.7 |
12.1 |
|
3 سنوات |
14.4 |
13.9 |
|
4 سنوات |
16.3 |
15.9 |
|
5 سنوات |
18.5 |
18 |
|
6 سنوات |
20.8 |
20.3 |
|
7 سنوات |
23.2 |
22.9 |
|
8 سنوات |
25.8 |
28.5 |
|
9 سنوات |
28.6 |
29.1 |
|
10 سنوات |
32 |
33.1 |
|
11 سنة |
36 |
37.4 |
|
12 سنة |
40.5 |
41.8 |
|
13 سنة |
45.8 |
46 |
|
14 سنة |
51.2 |
49.5 |
|
15 سنة |
56.5 |
52.1 |
|
16 سنة |
61.1 |
54 |
اسباب السمنة عند الاطفال :
تتعدد أسباب البدانة عند الاطفال، وغالباً ما تكون نتيجة لعوامل متعددة تتداخل مع بعضها البعض.
تشمل هذه العوامل:
1. العوامل الوراثية :
تلعب الوراثة دوراً مهماً في السمنة، حيث أن الأطفال الذين يعاني آباؤهم من السمنة يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسمنة بأنفسهم. فهناك بعض الجينات التي تؤثر على كيفية تخزين الجسم للدهون وكيفية استخدام الطاقة.
2. العوامل البيئية :
البيئة التي ينشأ بها الطفل لها تأثير كبير على وزنه. ومن هذه العوامل:
التغذية غير الصحية: تناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية والدهون غير الصحية مثل الوجبات السريعة والمشروبات الغازية والحلويات.
نمط الحياة المستقر: قلة النشاط البدني وزيادة الوقت الذي يقضيه الطفل أمام الشاشات (التلفاز، ألعاب الفيديو، الأجهزة الذكية) تساهم في تقليل حرق السعرات الحرارية.
3. العوامل النفسية والعاطفية :
العوامل النفسية والعاطفية تؤثر على سلوكيات تناول الطعام لدى الأطفال. بعض الأطفال قد يلجؤون لتناول الطعام كوسيلة للتعامل مع التوتر أو القلق أو الاكتئاب.
كذلك التغييرات في الحياة مثل الانتقال إلى مدرسة جديدة أو وفاة أحد الأقارب قد تدفع الطفل إلى الإفراط في تناول الطعام.
4. العوامل الاجتماعية والثقافية :
البيئة الاجتماعية والثقافية تلعب دوراً هاماً في تشكيل عادات الأكل والنشاط البدني. بعض المجتمعات قد تروج لاستهلاك كميات كبيرة من الطعام أو تشجع على تناول أطعمة معينة تحتوي على كميات كبيرة من الدهون والسكريات مثل (البسكويت، الكولا، المقرمشات…)
5. الهرمونات والمشاكل الصحية :
في بعض الحالات، قد ترتبط السمنة بمشاكل صحية مثل اختلالات الغدة الدرقية أو اضطرابات الغدد الصماء، ولكن هذه الأسباب تمثل نسبة قليلة مقارنة بالعوامل البيئية والنمط الحياتي.
اخطار السمنة عند الاطفال :
السمنة المفرطة عند الاطفال ليست مشكلة تجميلية فحسب، بل تعتبر تهديداً حقيقياً للصحة العامة للأطفال على المدى القصير والطويل. تتنوع المخاطر الصحية للسمنة وتؤثر على الجسم بطرق متعددة:
1. الأخطار الصحية الجسدية :
تزيد السمنة المفرطة عند الاطفال من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض والمشكلات الصحية، ومنها:
داء السكري من النوع الثاني: الأطفال الذين يعانون من السمنة أكثر عرضة للإصابة بداء السكري من النوع الثاني، حيث يصبح الجسم غير قادر على استخدام الإنسولين بفعالية.
اقرأ مقال شامل عن داء السكري من النوع الثاني .
ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول: تؤدي السمنة إلى ارتفاع معدلات الدهون في الدم وارتفاع ضغط الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب في المستقبل.
مشاكل في الجهاز التنفسي: يعاني بعض الأطفال المصابين بالسمنة من صعوبات في التنفس مثل متلازمة انقطاع النفس النومي، وهو اضطراب يتسبب في توقف التنفس لفترات قصيرة خلال النوم.
مشاكل في العظام والمفاصل: فالوزن الزائد يضع ضغطاً كبيراً على المفاصل والعظام، مما قد يؤدي إلى آلام المفاصل والتهابات مبكرة.
2. الأخطار النفسية والاجتماعية :
البدانة عند الاطفال تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية والاجتماعية للأطفال:
التمييز والتنمر: الأطفال الذين يعانون من السمنة غالباً ما يكونون عرضة للتنمر من قبل أقرانهم، مما يؤدي إلى انخفاض الثقة بالنفس.
الاضطرابات النفسية: الاكتئاب والقلق واضطرابات الأكل مثل الشره المرضي قد تكون نتائج للسمنة المفرطة.
العزلة الاجتماعية: قد يشعر الأطفال الذين يعانون من السمنة بالعزلة عن أقرانهم، مما يؤدي إلى تدهور في العلاقات الاجتماعية.
3. الأخطار المستقبلية :
الأطفال الذين يعانون من السمنة يكونون أكثر عرضة للبقاء سمينين في مرحلة البلوغ، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، داء السكري، وبعض أنواع السرطان.
علاج السمنة عند الاطفال :
السمنة عند الاطفال وعلاجها يتطلب اتباع نهج شامل يتضمن تغييرات في النظام الغذائي، النشاط البدني، والسلوكيات اليومية. من المهم أن يكون العلاج متعدد الجوانب ويشمل الطفل وأسرته بالكامل.
1. تغيير نمط الحياة والعادات الغذائية :
تشجيع تناول الطعام الصحي: من الضروري تقديم أطعمة متوازنة تحتوي على الفواكه، الخضروات، البروتينات الصحية، والحبوب الكاملة، والابتعاد عن الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون.
تقسيم الوجبات إلى وجبات صغيرة منتظمة: يساعد تناول وجبات صغيرة متعددة خلال اليوم في منع الشعور بالجوع الشديد وبالتالي الإفراط في الأكل.
الحد من استهلاك المشروبات السكرية: المشروبات الغازية والعصائر المحلاة تحتوي على كميات كبيرة من السعرات الحرارية التي تسهم في زيادة الوزن.
2. زيادة النشاط البدني :
تشجيع ممارسة الرياضة: يجب أن يمارس الأطفال 60 دقيقة من النشاط البدني يومياً. يمكن أن يشمل ذلك أنشطة مثل ركوب الدراجة، الجري، السباحة، أو حتى المشي السريع.
تقليل الوقت أمام الشاشات: يُنصح بتقليل وقت الجلوس أمام التلفاز وألعاب الفيديو إلى أقل من ساعتين يومياً.
3. الدعم النفسي والسلوكي :
العلاج السلوكي: يساعد العلاج السلوكي على تعليم الأطفال كيفية التعامل مع الطعام والعواطف بشكل صحي. يمكن أن يساعد الاستشارة أو جلسات العلاج النفسي في معالجة القضايا النفسية التي قد تكون سبباً في السمنة مثل التوتر أو الاكتئاب.
دعم الأسرة: دور الأسرة حيوي في معالجة السمنة لدى الطفل. من الضروري أن تشارك الأسرة بأكملها في تغيير نمط حياتها لتوفير بيئة داعمة للطفل.
4. المتابعة الطبية :
في بعض الحالات، قد يكون من الضروري التدخل الطبي لعلاج السمنة، مثل:
الأدوية: في بعض الحالات النادرة، قد يصف الأطباء أدوية تساعد في تقليل الوزن، ولكن هذه الأدوية لا يتم استخدامها إلا بعد استنفاد الخيارات الأخرى وتحت إشراف طبي صارم.
الجراحة: في حالات السمنة المفرطة التي تهدد الحياة ولا تستجيب للعلاجات الأخرى، قد يتم اللجوء إلى جراحات إنقاص الوزن مثل جراحة تكميم المعدة، لكن هذا الخيار نادر جداً للأطفال.
الوقاية من السمنة المفرطة عند الاطفال :
الوقاية دائماً أفضل من العلاج. يمكن تجنب البدانة عند الاطفال من خلال اتباع بعض الإجراءات الوقائية:
1. تشجيع عادات غذائية صحية منذ الصغر :
من المهم تعليم الأطفال عادات الأكل الصحية منذ الطفولة، بما في ذلك تناول الطعام ببطء، الابتعاد عن تناول الوجبات الخفيفة غير الصحية، وتناول وجبات متوازنة.
2. تشجيع النشاط البدني اليومي :
النشاط البدني المنتظم يساعد في الحفاظ على وزن صحي وتعزيز الصحة العامة. من المهم أن يشارك الأطفال في أنشطة بدنية مفضلة لديهم بشكل منتظم.
3. الحد من العادات السيئة :
يجب تقليل العادات غير الصحية مثل قضاء الكثير من الوقت أمام الشاشات وتناول الوجبات السريعة. تشجيع الأنشطة العائلية النشطة يمكن أن يساعد في تعزيز هذه العادات الصحية.
في النهاية ، السمنة عند الاطفال تمثل تحدياً صحياً كبيراً يتطلب جهداً مشتركاً من الأسرة، المجتمع، والنظام الصحي. الوقاية والتدخل المبكر هما المفتاح للحد من تفاقم المشكلة.
من الضروري أن يتم التعامل مع السمنة ليس فقط كمشكلة جسدية، ولكن كحالة شاملة تتطلب الاهتمام بالصحة النفسية.
