
تُعتبر جراحة تكميم المعدة من أكثر الحلول فعالية لعلاج السمنة، تُحدث هذه العملية تغييرات كبيرة في حياة المريض، لا تقتصر فقط على الوزن والشكل الخارجي، بل تمتد لتؤثر على الصحة النفسية بشكل ملحوظ. بعض المرضى يشعرون بسعادة وثقة أكبر بعد فقدان الوزن، بينما يواجه آخرون تحديات نفسية قد تشمل القلق، التوتر، أو حتى الاكتئاب.
لكن، هل هذا الاكتئاب شائع؟ كم يستمر؟ وما هي أفضل الطرق للتعامل معه؟
التأثيرات النفسية الإيجابية بعد التكميم:
- زيادة الثقة بالنفس: بعد فقدان الوزن، يشعر العديد من المرضى بأنهم أكثر قدرة على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والمهنية.
- تحسن صورة الجسد: انخفاض الوزن يساعد على تقبل الشخص لذاته، خاصة بعد التخلص من مشاعر الإحراج السابقة.
- ارتفاع مستوى النشاط والطاقة: التخلص من الوزن الزائد يحسّن القدرة على الحركة، مما يقلل من الشعور بالإحباط والخمول.
التأثيرات النفسية السلبية بعد تكميم المعدة:
- الصدمة النفسية بعد التكميم: بعد العملية، يمر الجسم والدماغ بتغييرات كبيرة، وقد يشعر المريض بحالة من التوتر أو الحزن نتيجة التكيف مع نمط الحياة الجديد.
-
الإحساس بالحرمان: بعض المرضى كانوا يستخدمون الطعام كوسيلة للراحة النفسية، وبعد التكميم، يصبح تناول الطعام محدوداً مما قد يسبب مشاعر الإحباط.
-
اضطراب العلاقة مع الطعام: بعض المرضى يواجهون صعوبة في التكيف مع الحمية الغذائية الجديدة، مما قد يؤدي إلى نوبات قلق أو تقلبات مزاجية.
-
توقعات غير واقعية: البعض يعتقد أن فقدان الوزن سيحل جميع مشاكله النفسية والاجتماعية، لكن بعد العملية، قد يجد أن الأمور لم تتغير كما كان يتوقع.
هذه الأسباب من الممكن أن تسبب صدمة بعد التكميم أو ما يسمى بـ الاكتئاب بعد الاكتئاب بعد جراحة تكميم المعدة والتي قد أن تستمر من أسابيع إلى عدة أشهر، حيث يواجه تحديات جديدة تتعلق بالأكل، نمط الحياة، والتكيف مع فقدان الوزن السريع. لكن ليس كل من يجري عملية التكميم يعاني من اكتئاب.
فبحسب الدراسات تتراوح نسبة الإصابة بالاكتئاب بعد التكميم بين 5% إلى 25%، وتختلف حسب العوامل الفردية مثل التاريخ النفسي السابق، والدعم الاجتماعي، ومدى الالتزام بالنظام الغذائي والمتابعة الطبية.
وهنا نطرح السؤال : بما أن عملية تكميم المعدة تساعد على تحسين الصحة العامة وتغيير الشكل الخارجي للمريض، ما سبب الاكتئاب بعد التكميم؟
أسباب الاكتئاب بعد التكميم:
هناك عدة أسباب قد تؤدي إلى شعور الاكتئاب بعد التكميم، منها:
- التعامل مع الطعام كوسيلة للتفريغ العاطفي: البعض معتاد على الأكل عند الشعور بالتوتر أو الحزن، و يعتبر تناول الطعام وسيلة لتنفيس الغضب والمشاعر السلبية، والتكميم سيمنع هذه الآلية دون وجود بديل مناسب
- عدم علاج السبب الأساسي للسمنة: في بعض الحالات، تكون السمنة مرتبطة بأسباب هرمونية أو نفسية لم تُعالج، مما يجعل فقدان الوزن وحده غير كافٍ للشعور بالتحسن.
- الشعور بالإحباط بسبب التوقعات العالية: بعض المرضى يعتقدون أن فقدان الوزن سيغير حياتهم بالكامل، لكن بعد العملية لا يجدون التحسن النفسي الذي توقعوه. كذلك عندما لا يحققون النتيجة المرجوة بسبب عدم التزامهم بالنظام الغذائي، يشعرون بالإحباط.
- شكل الوجه يبدو أكبر بعد فقدان الوزن: فقدان الوزن السريع قد يؤدي إلى تغيرات في مظهر الوجه، مما يؤثر على ثقة بعض المرضى بأنفسهم ويشعرون أنهم يظهرون بعمر أكبر.
- كثرة التعليمات والقيود الغذائية: بعد التكميم، هناك تعليمات صارمة يجب الالتزام بها، مما قد يسبب ضغطاً نفسياً على المريض.
- مضاعفات العملية: في بعض الحالات، قد يحتاج المريض إلى تدخل جراحي إضافي بسبب مضاعفات غير متوقعة، مما يزيد من التوتر والقلق.
- تغير الشخصية بعد التكميم: البعض يمرون بتغيرات في الشخصية بعد التكميم، خاصةً إذا كان الوزن جزءاً من هويتهم لفترة طويلة.
هذه العوامل تتسبب في شعور الاكتئاب بعد التكميم، ولكن يوجد بعض العوامل الإضافية التي تؤثر في نفسية المريض وتزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب..
عوامل تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب بعد التكميم
هناك بعض العوامل التي قد تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بعد العملية، منها:
- وجود تاريخ سابق للاكتئاب أو القلق.
- عدم وجود دعم اجتماعي قوي بعد العملية.
- عدم التهيئة النفسية قبل العملية، وعدم معرفة التغيرات المتوقعة.
- الإصابة بنقص في بعض الفيتامينات والمعادن، مثل فيتامين B12 وفيتامين D، مما قد يؤثر على المزاج.
- التوقعات غير الواقعية عن نتائج العملية، مما يؤدي إلى خيبة أمل بعد الجراحة.
- التأثيرات الهرمونية التي قد تؤدي إلى تقلبات مزاجية.
من الممكن القول أن أغلب الحالات التي واجهت اكتئاب ما بعد التكميم كانت تتعلق بالتوقعات العالية، والتعامل مع الطعام بطريقة خاطئة أو التغيرات السريعة المفاجئة للمريض. وبالتالي إعداد المريض قبل العملية وحصوله على المعلومات الكافية حول التكميم، يكون في أغلب الأحيان وسيلة لتجاوز حالة الاكتئاب بعد جراحة تكميم المعدة .
يمكن التغلب على اكتئاب بعد التكميم بالالتزام ببعض التعليمات الطبية وتغيير العادات الخاطئة، وفيما يلي بعض الحلول المساعدة:
علاج الاكتئاب بعد التكميم
إذا كنت تعاني من اكتئاب بعد التكميم، فلا تقلق، فهناك حلول تساعدك على تجاوزه:
- البحث عن دعم نفسي: لا تتردد في استشارة طبيب نفسي متخصص إذا استمرت الأعراض لفترة طويلة.
- الحفاظ على نظام غذائي متوازن: تأكد من الحصول على العناصر الغذائية التي تعزز صحة الدماغ والمزاج.
- ممارسة الرياضة بانتظام: المشي، السباحة أو أي نشاط بدني يمكن أن يحسن من حالتك النفسية.
- الانضمام إلى مجموعات دعم: التحدث مع أشخاص مروا بنفس التجربة يمكن أن يكون مفيداً.
- الصبر والتكيف: التكميم هو رحلة تغيير، والتكيف مع نمط الحياة الجديد يحتاج إلى وقت.
- مراجعة طبيب مختص بالتغذية للتأكد من عدم وجود نقص غذائي يؤثر على الحالة النفسية.
- تقليل التوتر من خلال تقنيات التأمل واليوغا والتنفس العميق.
عملية التكميم ليست مجرد تغيير جسدي، بل هي رحلة نفسية تحتاج إلى وعي واستعداد، لضمان تحقيق أفضل النتائج على المستوى الصحي والجسدي والعاطفي.
قد يكون الاكتئاب بعد التكميم تحدياً مؤقتاً لبعض المرضى، لكنه ليس أمراً حتمياً. مع الدعم النفسي، التغذية السليمة، والالتزام بنمط حياة صحي، يمكن التغلب عليه والاستمتاع بالفوائد الصحية الكبيرة للعملية. إذا كنت تفكر في إجراء التكميم، فلا تدع الخوف من الاكتئاب يمنعك، بل استعد له نفسياً وعاطفياً لتجربة أكثر نجاحاً!
أسئلة شائعة:
-
ما دور التغذية في تحسين المزاج بعد التكميم؟
تلعب التغذية دوراً كبيراً في الصحة النفسية بعد التكميم، ومن المهم التركيز على:
- تناول الأطعمة الغنية بالبروتين لدعم صحة الدماغ.
- الحصول على مكملات الفيتامينات الضرورية لمنع نقص التغذية الذي قد يؤثر على المزاج.
- تجنب الأطعمة المصنعة والسكريات التي قد تسبب تقلبات مزاجية.
- تناول الأطعمة الغنية بأحماض أوميغا-3 التي تعزز صحة الدماغ وتساعد في تحسين الحالة المزاجية.
-
هل يوجد تمارين و أنشطة بديلة للأكل العاطفي؟
لتعويض غياب الطعام كوسيلة للتعامل مع المشاعر، يمكن تجربة:
- ممارسة الرياضة بانتظام لتحفيز إفراز هرمونات السعادة.
- تجربة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل والتنفس العميق.
- الانشغال بالهوايات والأنشطة الإبداعية مثل الرسم أو الكتابة.
- الانضمام إلى مجموعات دعم للتواصل مع أشخاص يمرون بنفس التجربة.
- التخطيط اليومي للأكل والنشاط البدني لمنع تناول الطعام العاطفي.
-
هل يعود الاكتئاب بعد التكميم للأشخاص الذين كانوا يعانون منه سابقاً؟
الأشخاص الذين لديهم تاريخ سابق مع الاكتئاب قد يكونون أكثر عرضة للإصابة به بعد التكميم، لذلك من المهم أن يكونوا تحت إشراف طبيب نفسي قبل وبعد العملية. في بعض الحالات، قد يحتاج المريض إلى علاج دوائي أو نفسي مستمر للحفاظ على استقرار حالته المزاجية.
-
ما دور الطبيب النفسي في مرحلة ما قبل وبعد التكميم
الاستشارة النفسية قبل التكميم تساعد المريض على:
- فهم التغيرات المتوقعة بعد العملية.
- تعلم استراتيجيات للتكيف مع التغييرات العاطفية.
- التعامل مع أي مشكلات نفسية سابقة قد تؤثر على مرحلة ما بعد التكميم.
- وضع خطة شخصية للمتابعة بعد الجراحة.