
يعتبر التسريب بعد عملية تكميم المعدة من المضاعفات نادرة الحدوث لكن الخطيرة، يحدث بسبب وجود ثقب في خط التدبيس الجراحي مما يسبب تسرب العصارة الهضمية لتجويف البطن. يسبب هذا التسريب بالتهاب حاد وقد يتطور الى تسمم الدم أو فشل في الأعضاء إذا لم يتم علاجه بشكل صحيح.
كانت هذه المشكلة أكثر شيوعاً في السابق بسبب استخدام التقنيات الجراحية القديمة أو طرق الخياطة غير الدقيقة. بينما اليوم مع تطور الجراحة أصبحت نسبة حدوث التسريب منخفضة جداً (0.5%)، ومع ذلك يوجد بعض العوامل التي تزيد من احتمالية حدوثه، لذلك من المهم الكشف المبكر لهذه الحالة لتجنب المضاعفات المهددة للحياة. وفي هذا المقال سنتحدث بتفصيل أكثر عن خطر التسريب بعد التكميم، أنواعه، أخطاره وطرق العلاج ومتى يزول خطر التسريب بعد التكميم
أنواع التسريب بعد عملية تكميم المعدة:
يُمكن تصنيف تسريب المعدة بعد التكميم إلى نوعين رئيسيين حسب موقعه ووقت ظهوره:
1. التسريب الحاد (المبكر) Early Leak
يظهر عادة خلال يوم الى 3 أيام بعد الجراحة بسبب أخطاء تقنية أثناء التدبيس مثل ضعف التروية الدموية أو التدبيس غير المحكم. وأيضاً قد يحدث بسبب ارتفاع مفاجئ في ضغط المعدة بسبب تناول كميات كبيرة من الطعام او الشراب بعد العملية مباشرة
وقد يؤدي إلى صدمة إنتانية إذا لم يُعالج فورًا.
يتم العلاج عادة عن طريق جراحة طارئة لإغلاق التسريب وتنظيف البطن واستخدام مضادات حيوية وريدية قوية
قد يحتاج إلى العناية المركزة لتفادي الصدمة الإنتانية.
2. التسريب المتوسط (تحت الحاد) Intermediate Leak
من اليوم 4 إلى اليوم 9 بعد العملية. بسبب ضعف التئام الجرح بسبب تورم الأنسجة أو عدوى مبكرة.
وأبضاً ضعف التغذية الدموية في حواف المعدة المقطوعة.
يحتاج الى العلاج التحفظي أولًا: صيام + مضادات حيوية + تغذية وريدية.
وتصوير (CT): للكشف عن مكان التسريب.
قد يحتاج إلى: منظار هضمي لوضع دعامة. وتصريف عبر الجلد إذا وجد خراج.
3. التسريب المزمن (المتأخر) Chronic Leak
يحدث بعد الأسبوع الثاني إلى عدة أسابيع أو أشهر.
سببه الرئيسي فشل التئام طويل الأمد بسبب عدوى مزمنة أو سوء تغذية المريض (نقص بروتين). أو تكون ناسور (فتحة غير طبيعية) بين المعدة وجدار البطن.
يحتاج الى علاج طويل الأمد: يشمل:
- دعامة معدنية عبر المنظار.
- تصريف مستمر للخراجات.
- تغذية وريدية أو عبر أنبوب أنفي معدي.
- في الحالات المستعصية:قد يحتاج إعادة جراحة.
أعراض التسريب بعد عملية التكميم
قد لا تظهر أي أعراض واضحة في بعض حالات التسريب، لكن عند حدوثه فإن الأعراض التالية هي الأكثر شيوعاً:
1. أعراض عامة:
- ارتفاع درجة الحرارة (حمى فوق 38 درجة مئوية)
- زيادة معدل ضربات القلب بشكل غير طبيعي
- انخفاض ضغط الدم
- تعب عام وإحساس بالمرض
- دوخة ودوار
2. أعراض بطنية:
- ألم شديد ومستمر في البطن (خاصة في الجزء العلوي الأيسر)
- انتفاخ البطن
- غثيان وقيء متكرر
- نقص اخراج البول
3. أعراض مميزة:
- ألم في الكتف الأيسر (يسمى ألم الكتف المشار إليه)
- صعوبة في التنفس
- احمرار أو تورم حول الجروح الجراحية
- تسرب سوائل من الجرح
4. أعراض خطيرة (في الحالات المتقدمة):
- تشوش ذهني
- برودة الأطراف
- انخفاض شديد في ضغط الدم
هذه الأعراض قد تظهر مجتمعة أو منفردة، كما أن بعضها قد يشبه الأعراض الطبيعية بعد العملية. لكن إذا استمرت الأعراض أكثر من 48 ساعة أو ازدادت شدتها، فيجب مراجعة الطبيب فوراً.
أعراض التسريب المتأخر
ألم بطني مستمر ومتزايد.
الحمى أو ارتفاع خفيف في الحرارة.
التعب الشديد أو الضعف.
الغثيان أو القيء.
تسارع ضربات القلب.
صعوبة في التنفس أحيانًا.
كيف يتم تشخيص التسريب بعد عملية التكميم
التشخيص السريع مهم جدًا لتجنب المضاعفات. الطرق الشائعة هي:
- الأعراض السريرية: ألم بطني شديد، حمى، تسارع نبض، أو إحساس بعدم الراحة، الطبيب بيشتبه فورًا.
- التصوير المقطعي (CT Scan): يستخدم مع صبغة تُشرب أو تُحقن للكشف عن تسرب السوائل خارج المعدة.
- المنظار (Endoscopy): يسمح للطبيب ليراقب خط الخياطة مباشرة ويكتشف أي ثقب.
- تحاليل الدم: مثل ارتفاع عدد خلايا الدم البيضاء أو علامات الالتهاب (CRP).
أسباب التسريب بعد عملية التكميم:
ضعف الخياطة الجراحية: إذا لم يتم إغلاق خط التكميم بشكل محكم أو إذا كانت الدبابيس الجراحية غير مثبتة جيدًا، قد يحدث تسريب.
ارتفاع ضغط المعدة: بعد التكميم، تصبح المعدة أصغر بكثير، وأي ضغط زائد (مثل الأكل السريع، الإفراط في الطعام، أو الغازات) قد يؤدي إلى تمزق خط الخياطة.
مشاكل الشفاء: إذا كان هناك ضعف في تدفق الدم إلى أنسجة المعدة أو التهاب أو عدوى، قد لا تلتئم المنطقة المخيطة بشكل جيد.
عوامل متعلقة بالمريض: مثل التدخين، سوء التغذية، أو وجود أمراض مزمنة (مثل السكري)، وكلها قد تؤثر على عملية الشفاء.
أخطاء تقنية أثناء الجراحة: مثل قطع غير دقيق في المعدة أو استخدام أدوات غير مناسبة، وهذا يعتمد على خبرة الجراح.
متى يزول خطر التسريب بعد التكميم؟
يقل خطر التسريب بعد التكميم تدريجياً مع الوقت، كلما التأمت المعدة بشكل صحيح، عموماً:
- أول أسبوعين (14 يومًا): هي الفترة الأكثر خطورة للتسريب، خاصة في الأيام القليلة الأولى بعد الجراحة. معظم حالات التسريب الحاد تظهر خلال أول 3-7 أيام، لأن خط الخياطة جديد ولم يكتمل شفاؤه.
-
بعد 2-4 أسابيع: إذا انتهت هذه الفترة دون أي مشاكل يقل معدل الخطر بشكل كبير، لأن الانسجة بدأت تلتئم
إذا انتهت هذه الفترة دي بدون مشاكل، بيبدأ خطر التسريب يقل بشكل كبير، لأن الأنسجة بدأت تلتئم وتتقوى. لكن من الممكن أن يحصل تسريب متأخر في الفترة (نادرًا) لو كان هناك التهاب أو ضعف في الشفاء .
- بعد 6 أسابيع (شهر ونص): في الغالب، إذا التزمت بتعليمات الطبيب (مثل نظام الأكل السائل ثم المهروس ثم الصلب تدريجيًا، وتجنب الضغط على المعدة)، يكون خطر التسريب قد زال تقريبًا.
عوامل تزيد من خطر التسريب بعد التكميم
- خبرة الجراح: يزيد الخطر إذا كان الجراح غير متمرس أو استخدم تقنيات غير دقيقة
- حجم المعدة المتبقية: إذا كانت المعدة بعد التكميم ضيقة جدًا، الضغط الداخلي يؤدي لتمزق.
- التدخين: يقلل تدفق الدم للأنسجة ويبطئ الشفاء.
- الأمراض المزمنة: مثل السكري أو أمراض المناعة، تضعف التئام الجروح.
- السمنة المفرطة: إذا كان مؤشر كتلة الجسم مرتفع جدًا (BMI >50) يكون الخطر عندهم أعلى.
- الإفراط في الأكل أو الشرب: خاصة في الأسابيع الأولى، اذا لم يلتزم المريض بالنظام الغذائي السائل.
الوقاية من التسريب بعد التكميم:
الوقاية هي أفضل خطوة، وتشمل:
- اختيار جراح متمرس: تأكد إن الجراح لديه خبرة كبيرة في التكميم
- اتباع النظام الغذائي: في الأسابيع الأولى، يجب الالتزام بسوائل صافية، ثم الطعام المهروس، وبعدعا الأكل الصلب تدريجيًا. الأكل السريع أو الكتير يضغط على الخياطة.
- تجنب التدخين والكحول: قبل وبعد العملية
- المتابعة الدورية: زيارات منتظمة للطبيب في أول شهرين للتأكد إن كل شيء على مايرام.
- شرب السوائل ببطء: تجنب الشرب السريع أو الكميات الكبيرة مرة واحدة.
التسريب بعد عملية التكميم المعدة عامل خطر، لكن لحسن الحظ نادر الحدوث، خصوصاً مع التقنيات الحديثة التي باتت تستخدم في الجراحة. وإذا كانت العملية بين يدي طبيب متمرس.
بعض أسباب التسريب تخص المريض وبعضها تخص الطبيب والتقنيات المستخدمة، ورغم ذلك يمكن علاج التسريب بحسب نوعه ووقت ظهوره.
وتبقى الوقاية دائماً أفضل من العلاج لذلك من الضروري الالتزام بتعليمات الطبيب قبل وبعد العملية، ومراجعته بشكل دوري وطلب المساعدة عند الضرورة.